بقلم الأديبة / منى عارف
لقدر ياتينا دوما باشياء تضعنا فى خانة السعداء
ويظهر مقالىً
فى العدد الخاص من مجلة ابداع عن الغربة ومع باقة من اهم الكتاب فى الوطن العربى انها الغربة اذا :
وجع السنين
وتجد نفسك وحيدا
هاءما
فى هذا العالم
والاشجار ياصديقى
لاتهاجر
انها فقط العصافير
الغربة .. وجع السنين
“الأشجار لا تهاجر ابداً .. أنها فقط العصافير .. “
ويبدو أننا أتينا غرباء .. وسنرحل أيضاً مثل الغرباء ..
عندما نعيش مع من لا يفهمنا ويشعر بنا .. سنشعر بالغربة .. عندما تحمل حقائبك بعيداً عن بيت أعتادت عتباته .. صوت أقدامك .. و زفراتك : الغربة ..
الفقر فى الوطن غربة .. كما قال الأمام على بن ابي طالب .. ويبدو أن الغربة ليست فقط مغادرة الوطن بل هي أيضاً مغادرة أوطان صغيرة عن حياتنا كقلوب من نحب ..
لا يشعر بها الا من عاشها .. قد تكون قد أمتلكت كل شئ ..ولكن يظل هناك جزأ فارغاً إلى الأبد .. قطعة من الروح تنسحب شيئأ فشيئ ..
ويجافينا النوم .. ليأتى هذا الوميض الداخلى .. وتسرح الذاكرة فى وجوه من فارقناهم نبحث عن أصواتهم داخلنا .. ورائحة انفاسهم ربما ..
أنه الحنين .. الذي يرافق كل تلك الحقائب التى أخذناها معنا إلى الأبد .. يعيش فينا ويمزقنا كل ليلة .. وربما فى صباحات كل تلك الأيام .. وانت بعيد و وحيد ..
تبدأ وحدتك من الداخل .. وينفرد بك حزنك ولا يسأل عليك أحد ولا يغيثك أحد .. حتى فنجان القهوة راحت نكهته القوية .. وتكتشف ان هناك أمور تخيفك أكثر من الظلام واعتي من الموت ..
ولا أحد حقاً يدري !! أن يمشي أنساناً .. ويقطع كل تلك المسافات بحثاً عن أنسان آخر ربما ..أو أمل .. أو فرصة أو شفاء .. لسنوات .. حتى تتأكل فى قدميه الأرض ..
الأن الوجوه تطالعنا فى تلك الرحلة يعانق وجه واحداً .. فى عيون كل من قد نقابلهم فى كل تلك البيوت التى ربما أنتقلنا اليها ..على مدار الوقت والعمر .. ونظل نحوم حول بيوت بعينها ..
بيوت أستراحت على جوانبها الروح .. ويحرقنا اليها الشوق .. لها جاذبيتها الخاصة .. وسطوتها .. لا يمكن نسيانها مهما غبنا او ابتعدنا .. نحفظ أدق تفاصيلها وتحفظنا .. حتى بعد سنوات من الغربة .. تحمل جزء منا .. وتحفظ اسرارنا .. كأنها قطعة من القلب داخلنا .. بعض من فسيفساء يختزلها العقل .. ويضعها فى ركن غامض .. ربما لا تزال عالقة هناك تحمل وطنك فى حقائبك وتمضي
وتكون غربة الروح أقسي انواع الغربة .. وتبدو الحكاية .. كأنك راكبت قاطرة بعينها دون محطة وصول بعيداً عن الأهل .. والأحبة .. وذكريات الطفولة ..
وتتفاجئ ذات يوم بأنك نسيت شئ هاماً .. لم تحمله معك .. وانه داخلك وجع عشوائي لا يستأذن احد .. وفي عيونك غيم كثير لايمطر ..
ويبقي باب واحداً مفتوحاً فى أنتظارك هو باب الذكريات .. فيها ايام صعبة وايام سهلة اوقات حزينة واوقات جميلة ولكنها مؤلمة حين نغيب ونبعتد عن من شاركنا اليها ..
فى كل تلك التفاصيل الصغيرة يأتيك راكضاً .. الحنين الخفي إلى الماضي .. ويصبح للغائب قلباً يآن فى مواسم الصيف .. والربيع والخريف والشتاء ..
لا يصبح هناك فرق بين الأيام والسنين التى تمر .. فحجم الاشتياق يفوق فكرة الزمن والأماكن ..
اي كلمات تستطيع أن نختزلها لها واي دموع نحاول ان نخفيها .. وليس امامنا سوي أن نرتب صفحات كثيرة داخلنا ونزخرف الرفوف ببطاقات المعايدة .. واطارات الصور .. ونعرف ان للنسيان ذاكرة .. نمسح فقط عنها غبار الغربة …